ما هي الرؤية الحاسوبية (Computer Vision)؟
الرؤية الحاسوبية هي أحد فروع الذكاء الاصطناعي التي تقوم بتمكين الحواسيب والأنظمة الذكية مثل الروبوتات من "الرؤية" وتحليل الصور والفيديوهات لفهم محتوى المشهد بطريقة تشبه رؤية الإنسان، بل وقد تتفوّق عليها في بعض الحالات.
ببساطة: الرؤية الحاسوبية تُساعد الآلة على أن تُدرك ما تراه وتفهم السياق البصري وتتخذ قرارات ذكية بناء عليه.
خوارزمية الروبوتيكس المرتبطة بالرؤية الحاسوبية
عندما نُطبق الرؤية الحاسوبية داخل الروبوتات، فإننا نحتاج إلى خوارزميات خاصة لتمكين الروبوت من:
1. التعرف على الأشياء (Object Detection & Recognition)
أي تحديد وتمييز الكائنات داخل الصورة، مثل الأشخاص، المنتجات، المركبات، إلخ.
مثال: روبوت صناعي يتعرف على القطع المعيبة على خط الإنتاج.
2. تتبع الحركة (Object Tracking)
بمعنى متابعة كائن معين أثناء حركته عبر الكاميرا.
مثال: روبوت أمني يلاحق شخصًا يتحرك في مكان مغلق.
3. تحديد المواقع (Visual SLAM – Simultaneous Localization and Mapping)
وتُستخدم هذه الخوارزميات لبناء خريطة مرئية لمكان ما أثناء تنقّل الروبوت فيه، مع تحديد موقعه في نفس الوقت.
مثال: روبوت ذاتي الحركة في مستودع كبير لا يحتوي على GPS.
4. الرؤية ثلاثية الأبعاد (3D Vision)
لتحويل الصور ثنائية الأبعاد إلى إدراك ثلاثي الأبعاد يمكن للروبوت من خلاله التفاعل مع الأشياء بدقة.
مثال: ذراع روبوتية تحتاج إلى إمساك جسم بحجم معين بدقة متناهية.
5. التعرف على الوجوه والانفعالات (Facial Recognition & Emotion Detection)
وتُستخدم لفهم هوية الشخص ومزاجه.
مثال: روبوت خدمة عملاء يُرحب بالزائر إذا كان مبتسمًا ويتفاعل بشكل مختلف إذا بدا غاضبًا.
حالات الاستخدام العملية للرؤية الحاسوبية
تُستخدم هذه التقنية في مجموعة واسعة من التطبيقات التي تُمكّن الحكومات والمؤسسات من اتخاذ قرارات دقيقة وآنية بناءً على المعلومات البصرية.
أولًا: حالات استخدام الرؤية الحاسوبية في الحكومات
1. المراقبة الذكية والأمن العام
الهدف: تعزيز الأمن والاستجابة السريعة للحوادث.
- أنظمة التعرف على الوجه في المطارات والمعابر الحدودية، للتحقق من الهوية والكشف عن المطلوبين.
- مراقبة الأماكن العامة (محطات المترو، الشوارع، الساحات) لاكتشاف السلوكيات غير الطبيعية، كالتجمّعات المفاجئة أو حالات الإغماء.
- اكتشاف الجرائم بشكل فوري عبر تحليل الفيديو المباشر.
2. إدارة المرور والمدن الذكية
الهدف: تحسين حركة المرور وزيادة السلامة على الطرق مثل:
- أنظمة قراءة لوحات السيارات تلقائيًا (ANPR) لتسجيل المخالفات.
- مراقبة إشارات المرور واكتشاف المركبات المخالفة.
- تحليل الزحام المروري والتكيّف التلقائي لإشارات المرور وفقًا للكثافة.
3. الرقابة البيئية والصحية
الهدف: مراقبة البيئة العامة والتصدي للمخاطر مثل:
- مراقبة جودة الهواء أو تصاعد الدخان باستخدام الكاميرات الحرارية.
- الكشف عن مدى الالتزام بالإجراءات الاحترازية، كارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي في الأماكن العامة.
ثانيًا: حالات استخدام الرؤية الحاسوبية في الشركات الكبرى
1. التصنيع وضمان الجودة
الهدف: مراقبة المنتجات واكتشاف العيوب تلقائيًا مثل:
- أنظمة تفتيش بصري آلي تُستخدم في خطوط الإنتاج لاكتشاف أي تلف أو خلل في المنتجات (كما في مصانع السيارات أو الإلكترونيات).
- مقارنة المنتج النهائي بالنموذج المرجعي من خلال التحليل البصري.
2. تحليل سلوك العملاء في المتاجر
الهدف: تحسين تجربة التسوق وزيادة المبيعات مثل:
- تتبع حركة الزبائن داخل المتجر (heatmaps) لفهم مناطق الاهتمام.
- تحليل تعبيرات الوجه لقياس مستوى الرضا.
- مراقبة الازدحام وتوزيع الموظفين بناءً على تحليلات الوقت الفعلي.
3. الأمن المؤسسي والتحكم في الدخول
الهدف: حماية المنشآت والموارد البشرية مثل:
- أنظمة دخول تعتمد على التعرف على الوجه بدلاً من البطاقات.
- مراقبة الكاميرات للكشف عن أي تصرفات غير معتادة داخل المباني أو المكاتب.
4. الأتمتة الذكية في المخازن والخدمات اللوجستية
الهدف: تسريع العمليات وتقليل الأخطاء مثل:
- توجيه الروبوتات داخل المستودعات عبر تحليل الصور لتحديد مواقع المنتجات.
- فحص الشحنات والتأكد من تطابق الطلبات قبل إرسالها، كما هو الحال في شركات كبرى مثل Amazon وDHL.
مستقبل الرؤية الحاسوبية في الروبوتات
في السنوات القادمة، من المتوقع أن:
- تندمج الرؤية الحاسوبية بشكل أعمق مع الذكاء الاصطناعي لزيادة فهم السياق (Context Awareness).
- تُستخدم بكثافة في المدن الذكية لمراقبة المرور، الأمن، النظافة، والكفاءة.
- تساعد في التشغيل الذاتي الكامل للمنشآت الصناعية والمخازن.
- تُسرّع الاعتماد على الروبوتات التفاعلية في المدارس والمستشفيات والمكاتب الحكومية.
الخلاصة
الرؤية الحاسوبية هي "العين" التي ترى بها الروبوتات، وخوارزمياتها هي "العقل" الذي يُفسّر ما تراه.
استخدام هذه التقنية يُحوّل الروبوت من مجرد أداة إلى "شريك ذكي" يستطيع أن يفهم ويتفاعل ويتعلم.
في المؤسسات الحكومية والشركات الكبرى، هذا النوع من الذكاء البصري لا يرفع فقط كفاءة العمل، بل يُحدث تحولًا جذريًا في كيفية اتخاذ القرار والتفاعل مع العملاء والمواطنين.