دور الذكاء الاصطناعي في رؤية السعودية 2030: أهم الفرص للأعمال

وقت القراءة المتوقع: 4 دقائق

نهلة أشرف

جدول المحتوى

تستثمر المملكة 100 مليار دولار لتطوير البنية التحتية للذكاء الاصطناعي تماشيًا مع رؤية 2030، مما يعزز مكانتها كواحدة من الدول الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي؛ لذلك أطلقت السعودية مشروع الذكاء الاصطناعي الذي يهدف إلى تعزيز الابتكار وتحقيق التنمية المستدامة من خلال تطبيقات وتقنيات الذكاء الاصطناعي. وتسعى برامج الذكاء الاصطناعي في السعودية إلى تطوير جميع القطاعات عبر استخدام أحدث أنواع التكنولوجيا. 

ومع احتلال السعودية المرتبة 15 عالميًا في أبحاث الذكاء الاصطناعي لعام 2025، بحسب مؤشر التنافسية العالمي للذكاء الاصطناعي، يتجسد التزام المملكة في وضع البيانات والذكاء الاصطناعي في قلب خططها التنموية والاقتصادية. الرؤية لا تسعى فقط لتنويع مصادر الدخل، بل تهدف إلى تحويل السعودية إلى مركز عالمي للبيانات والذكاء الاصطناعي، بما يحقق التنمية المستدامة ورؤية السعودية 2030.

لذلك يُعد الذكاء الاصطناعي من الركائز الأساسية في تنفيذ أهداف رؤية السعودية 2030، حيث يرتبط 66 من أصل 96 هدفًا بشكل مباشر أو غير مباشر بالبيانات والذكاء الاصطناعي، وفقًا لما أعلنته الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا). وهذا يعكس بوضوح أن التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي لم يعودا مجرد أدوات تقنية، بل أصبحا ركيزة استراتيجية لنمو المملكة وتقدمها. 

هذا المقال يقدم تحليلًا شاملًا لكيفية توافق الذكاء الاصطناعي مع محاور رؤية السعودية 2030، مع تسليط الضوء على دوره في القطاعات الحيوية والفرص المستقبلية أمام الشركات السعودية.

توافق الذكاء الاصطناعي مع رؤية السعودية 2030 | تحليل شامل

أولًا: توافق استراتيجي عام

  • رؤية السعودية 2030 تهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط، وتحقيق تنمية مستدامة تعتمد على الابتكار والتكنولوجيا.
  • الذكاء الاصطناعي (AI) هو عنصر محوري في هذا التحول، حيث تم تصنيفه كأحد المحركات الاقتصادية المستقبلية.
  • الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) أُنشئت خصيصًا لتسريع هذا التوجه، عبر تطوير السياسات والبنية التحتية للبيانات.

ثانيًا: يأتي الذكاء الاصطناعي كأداة محورية في تفعيل المحاور الثلاثة لرؤية 2030: اقتصاد مزدهر، مجتمع حيوي، ووطن طموح.

وتكمن قوة الذكاء الاصطناعي في قدرته على تحويل التحديات إلى فرص، ورفع كفاءة الأداء، وتحقيق جودة الحياة على المستويات كافة. بفضل إمكاناته في التنبؤ والتحليل واتخاذ القرار، أصبح الذكاء الاصطناعي المحرك الجديد للتنمية الوطنية.

1. الاقتصاد المزدهر: الذكاء الاصطناعي كمحرك للنمو

تساهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تنويع الاقتصاد عبر تحسين إنتاجية الصناعات، وتقليل الهدر، وتحسين سلسلة الإمداد. كما توفر فرصًا جديدة للوظائف المتخصصة، وتسهم في رفع مستوى الابتكار المحلي، وهو ما يتوافق مع مستهدفات رفع مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي.

💡من المتوقع مُساهمة الذكاء الاصطناعي بـ135 مليار دولار (510 مليار ريال سعودي) في الناتج المحلي السعودي بحلول 2030، وفقًا للخبر المنشور على موقع قناة العربية

2. المجتمع الحيوي: جودة الحياة المدعومة بالذكاء الاصطناعي

يعزز الذكاء الاصطناعي جودة الحياة من خلال حلول ذكية في الصحة والتعليم والإسكان والنقل. 

على سبيل المثال، تساعد الأنظمة الذكية في تقليل حوادث المرور من خلال المراقبة والتنبؤ، وتُسهم في تقديم رعاية صحية استباقية بناء على تحليل بيانات المرضى. وتُظهر تجربة منصة "صحتي" المعتمدة على الذكاء الاصطناعي كيف يمكن تحسين الوصول إلى الرعاية وتحسين نتائج العلاج في المملكة.

💡 يساعد الذكاء الاصطناعي على بناء مجتمع أكثر صحة ورفاهية، مع خدمات رقمية ذكية توفر الوقت وتحسّن من جودة الحياة.

3. الوطن الطموح: الحوكمة الرقمية الذكية

 يدعم الذكاء الاصطناعي محور الوطن الطموح من خلال تحسين أداء المؤسسات الحكومية وتعزيز الشفافية والكفاءة. فأنظمة الذكاء الاصطناعي تسهم في مكافحة الفساد عبر تحليل الأنماط غير المعتادة في المعاملات الحكومية، وتساعد في بناء بيئة عمل رقمية تعزز اتخاذ القرار المبني على البيانات. 

وقد قامت هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، على سبيل المثال، بتطبيق خوارزميات تعلم آلي لتحسين عمليات التدقيق الضريبي وكشف التلاعبات المحتملة.

💡 جاءت المملكة في المرتبة الثالثة في قائمة الدول الرائدة عالميًا في تبنّي الحوكمة الذكية اعتمادًا على البيانات والذكاء الاصطناعي. وفقًا للخبر المنشور على وكالة الأنباء السعودية.

ثالثًا: المبادرات والاستراتيجيات الوطنية ذات الصلة

  • الاستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي (NDSAI): تهدف إلى جعل السعودية من أفضل 15 دولة في مجال الذكاء الاصطناعي بحلول 2030.
  • قمة الذكاء الاصطناعي العالمية (GAIS): تعقدها سدايا سنويًا لتعزيز الشراكات العالمية وتسويق إمكانات المملكة.
  • برنامج "تطوير القدرات البشرية": يشمل مسارات متخصصة في الذكاء الاصطناعي لتحفيز الابتكار المحلي.
  • المدينة الذكية (نيوم): تُعد أكبر مثال على التكامل بين الذكاء الاصطناعي والتخطيط الحضري.

رابعًا: يساعد الذكاء الاصطناعي في دعم منظومة الابتكار الوطنية

من خلال تسهيل البحوث العلمية وتحليل كميات ضخمة من البيانات البحثية، ما يمكّن الجامعات والمراكز من تطوير حلول جديدة بمعدلات أسرع. جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) مثال بارز على استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير نماذج تنبؤية لعلوم البحار والطاقة.

خامسًا: على مستوى الأمن الوطني

 يُستخدم الذكاء الاصطناعي في أنظمة المراقبة وتحليل التهديدات الأمنية، والمساهمة في الاستجابة السريعة للطوارئ والكوارث. وتم إطلاق مبادرات مثل نظام "ساهر" الذكي لرصد مخالفات المرور باستخدام الرؤية الحاسوبية.

سادسًا: يُعتبر الذكاء الاصطناعي أداة داعمة لتحقيق أهداف الاستدامة البيئية

من خلال أنظمة ذكية لمراقبة جودة الهواء، وتقنيات الزراعة الذكية، وإدارة الموارد المائية. وتُظهر مبادرة "سكاكا للطاقة الشمسية" كيف يمكن دمج الذكاء الاصطناعي لتحسين أداء إنتاج الطاقة المتجددة عبر التنبؤ بالاستهلاك وتحسين الكفاءة.

سابعًا: التحديات القائمة

كيف يُسهم الذكاء الاصطناعي في دفع التقدم في القطاعات الحيوية بالمملكة

أولًا: القطاع الحكومي – كيف يخدم برنامج التحول الوطني الحكومات بالمملكة؟

يُعد برنامج التحول الوطني ركيزة رئيسية في إعادة هيكلة الخدمات الحكومية باستخدام الذكاء الاصطناعي، حيث تُستخدم تقنيات تحليل البيانات والتعلم الآلي في تقديم خدمات أسرع وأكثر كفاءة للمواطنين والمقيمين. تشمل التطبيقات روبوتات المحادثة لخدمة العملاء، وتحليل مشاعر المواطنين، وتوقع الأعطال أو المشكلات في البنية التحتية الرقمية. كما تساهم أدوات التنبؤ في دعم صُنّاع القرار في صياغة سياسات دقيقة قائمة على البيانات. وهناك أكثر من 1000 مبادرة لسياسات الذكاء الاصطناعي من 69 دولة وإقليم ومن الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك ما يقرب من 800 مبادرة للحوكمة، وذلك وفقًا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD).

ثانيًا: الرعاية الصحية – كيف يخدم برنامج تحول القطاع الصحي خدمات الرعاية الصحية بالمملكة؟

يدفع برنامج تحول القطاع الصحي نحو تبني حلول الذكاء الاصطناعي في مجالات التشخيص المبكر للأمراض، وإدارة السجلات الطبية، وتتبع الأمراض المزمنة. ومن التطبيقات العالمية ما جاء في البحث المنشور على مجلة Cancers، حيث لاحظ الباحثون أن هذه الفئة الناشئة من الذكاء الاصطناعي تقدم طريقة مبتكرة لاستخدام مجموعات البيانات الضخمة للمساعدة على اكتشاف الأسباب المعقدة للأمراض مثل السرطان وتحسين استراتيجيات العلاج. كما يمكن للذكاء الاصطناعي تقليل أوقات الانتظار في الطوارئ من خلال التنبؤ بأوقات الذروة وتوزيع الموارد الطبية بكفاءة. كما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يوفر ما يصل إلى 150 مليار دولار سنويًا في تكاليف الرعاية الصحية في الولايات المتحدة وحدها٬ وفقًا دراسة منشورة على Accenture.

ثالثًا: التعليم – كيف يخدم برنامج تطوير القطاع المالي شركات التأمين والبنوك بالمملكة؟

في إطار برنامج تنمية القدرات البشرية، يعزز الذكاء الاصطناعي تجربة التعليم من خلال تقنيات التعليم التكيفي (Adaptive Learning)، التي توفر محتوى مخصصًا حسب قدرات كل طالب. 

كما يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل أداء الطلاب وتحديد مواطن الضعف لتحسين نتائجهم الأكاديمية. علاوة على ذلك، توفر روبوتات التعليم المساعدة الذكية التي تدعم المعلمين وتقلل من أعباء التصحيح والمتابعة الفردية. ويمكن أن تسهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تحسين جودة التعليم بنسبة تصل إلى 40% في البيئات النامية٬ وفقًا للتقرير الصادر عن منظمة اليونسكو.

رابعًا: البنوك والتأمين – كيف يخدم برنامج تنمية القدرات البشرية قطاع التعليم بالمملكة؟

يدعم برنامج تطوير القطاع المالي توظيف الذكاء الاصطناعي في تقييم المخاطر، ومنع الاحتيال المالي، وتقديم خدمات شخصية للعملاء. على سبيل المثال، تستخدم البنوك روبوتات تحليل البيانات للكشف عن الأنماط غير المعتادة في المعاملات البنكية مما يقلل من احتمالية الاحتيال. كما تُستخدم المحادثات الذكية (Chatbots) لتحسين تجربة العملاء وخفض تكاليف التشغيل. فإن استخدام الذكاء الاصطناعي يمكن أن يوفر على البنوك أكثر من 447 مليار دولار بحلول عام 2023، وفقًا للتقرير الصادر عن Future Insights.

خامسًا: قطاع الطاقة – كيف يخدم برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية شركات الطاقة بالمملكة؟

يدعم برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية دمج الذكاء الاصطناعي في مراقبة وإدارة شبكات الطاقة، مما يسهم في تحسين الكفاءة التشغيلية، وتقليل الانبعاثات الكربونية. 

تستخدم شركات الطاقة خوارزميات تنبؤية لصيانة المعدات قبل تعطلها، وتحديد أنماط الاستهلاك بهدف توجيه الطاقة بكفاءة. 

كما يُستخدم الذكاء الاصطناعي في مراقبة أداء مشاريع الطاقة المتجددة، مما يدعم أهداف الاستدامة. وشركات الطاقة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي يمكن أن تحقّق توفيرًا في التكاليف يصل إلى 20% وزيادة في الإنتاج بنسبة 3-5%، وفقًا لدراسة منشورة على ماكنزي.

الفرص المستقبلية المتاحة أمام الشركات في هذه القطاعات لتبني الذكاء الاصطناعي في سياق التنمية الوطنية

مع تنامي البيئة الداعمة للابتكار والذكاء الاصطناعي في المملكة، تتزايد الفرص أمام الشركات الخاصة لتبنّي هذه التقنية في أعمالها. 

وتشير دراسة لشركة PwC إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يساهم بإضافة 135 مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي السعودي بحلول 2030، أي ما يعادل 12.4% من إجمالي الناتج المحلي.

1. تطوير منتجات ذكية

يمكن للشركات في مختلف القطاعات، مثل التجزئة، والسياحة، والتصنيع، أن توظف الذكاء الاصطناعي لتحليل سلوك العملاء وتطوير منتجات وخدمات مخصصة تلائم احتياجاتهم بدقة. مثال: شركة STC استخدمت الذكاء الاصطناعي لتخصيص عروض الاتصالات بناءً على سلوك العملاء، مما ساهم في رفع معدلات رضا العملاء بنسبة 23%.

2. تحسين العمليات الداخلية

من خلال أتمتة العمليات الروتينية وتحليل البيانات الداخلية، تستطيع الشركات تقليل التكاليف، وتحسين الكفاءة التشغيلية، وزيادة سرعة اتخاذ القرار. 

📊إحصائية: تشير دراسة من McKinsey إلى أن أتمتة العمليات عبر الذكاء الاصطناعي يمكن أن توفر للشركات ما يصل إلى 20-30% من تكاليف التشغيل. 

3. تعزيز تجربة العملاء

يُمكن للشركات استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في دعم العملاء على مدار الساعة، وتقديم توصيات ذكية، وخدمة شخصية استباقية. 

4. دعم اتخاذ القرار الاستراتيجي

تحليل كميات ضخمة من البيانات يساعد الشركات في التنبؤ بالاتجاهات السوقية، وتحديد الفرص الاستثمارية، والتكيف بسرعة مع التغيرات. 

📊إحصائية: وفقًا لـ Gartner، فإن 87% من الشركات الرائدة ترى أن البيانات والتحليلات المتقدمة تُعد محركًا رئيسيًا لتحديد استراتيجياتها المستقبلية.

الخلاصة:

الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة مساعدة، بل هو محركًا أساسيًا لتحقيق رؤية السعودية 2030، سواء على مستوى الكفاءة الحكومية، أو جودة الرعاية الصحية، أو تطوير التعليم، أو الابتكار في القطاع المالي، أو الاستدامة في قطاع الطاقة. ولم تعد تقنيات الذكاء الاصطناعي حكرًا على الدول المتقدمة، بل أصبحت جزءًا أساسيًا من الهوية الاقتصادية الجديدة للمملكة، تقودها قيادة شجاعة، واستراتيجية واضحة، واستثمارات ضخمة.

ما يُميز التجربة السعودية هو تكامل التقنية مع الطموح الوطني. فالاستثمار في الذكاء الاصطناعي ليس فقط رهانًا اقتصاديًا، بل هو ضرورة تنموية ومجتمعية. ومع استمرار الدعم الحكومي، والانفتاح على الشراكات الدولية، وتسارع بناء القدرات الوطنية، فإن المملكة ماضية بخطى واثقة نحو ريادة إقليمية وعالمية في مجال الذكاء الاصطناعي. التحدي الأكبر سيكون في تسريع تنفيذ المشاريع، وتعزيز ثقافة الابتكار في المؤسسات، وخلق بيئة تشجع على البحث والتطوير.

وفي ظل هذه الديناميكية المتسارعة، فإن الشركات التي تستثمر في الذكاء الاصطناعي اليوم، ستكون أكثر قدرة على المنافسة غدًا، وستساهم بشكل فاعل في بناء اقتصاد سعودي رقمي، مرن، وشامل يليق برؤية 2030. ولقد أثبتت المملكة العربية السعودية قدرتها على تبني الذكاء الاصطناعي كركيزة رئيسية لتحقيق أهداف رؤية 2030، حيث تتجلى تطبيقاته في كل قطاع حيوي. ومع البيئة التنظيمية الداعمة، والبنية التحتية الرقمية المتطورة، تبرز الفرص أمام الشركات لتسخير الذكاء الاصطناعي من أجل النمو، والتوسع، وتعزيز القيمة المضافة للاقتصاد الوطني.

💡المملكة لا تنتظر المستقبل، بل تصنعه عبر الذكاء الاصطناعي. والشركات التي تتبنى هذا التحول اليوم، ستكون هي القادة في إقتصاد الغد. فهل شركتك جاهزة للتغيير؟ شاركنا برايك في تعليق.

Your subscription could not be saved. Please try again.
Your subscription has been successful.

Signup to WideBot newsletter

Subscribe to our newsletter and stay updated.