تُستخدم النماذج اللغوية الكبيرة (LLMs) اليوم في العديد من المجالات، بدءًا من تحسين خدمة العملاء وحتى تحليل البيانات وإنشاء المحتوى. هذه النماذج، المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، تمتلك قدرة غير مسبوقة على فهم اللغة البشرية وتوليد النصوص بشكل ذكي، مما يجعلها أداة أساسية في تطوير الحلول الرقمية وتحسين الإنتاجية في مختلف القطاعات.
في هذا المقال، سوف نستعرض ما هو النموذج اللغوي الكبير (LLM)، وما هي آلية عمله، وأبرز استخداماته في المجالات وقطاعات الأعمال المختلفة.
ما هو النموذج اللغوي الكبير (LLM)؟
نموذج اللغة الكبير، وباللغة الانجليزية يُسمى Large Language Model واختصارها (LLM)، هو أحد نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI) القادرة على فهم وتوليد النصوص، وترجمتها، وتلخيصها، إلى جانب مهام أخرى.
يتم تدريب هذا النموذج على كميات ضخمة من البيانات، لذلك تمت تسميته بـ "نموذج اللغة الكبير" أو "النموذج اللغوي الكبير".
ويعتمد نموذج الذكاء الاصطناعي هذا على تقنية التعلم الآلي عن طريق نوع من الشبكات العصبية يُعرف باسم "نموذج المحولات" (Transformer Model).
متى ظهر النموذج اللغوي الكبير (LLM)؟
ترجع أصول أولى نماذج اللغة في الذكاء الاصطناعي إلى الأيام الأولى لهذا المجال. فقد ظهر نموذج "إليزا" (Eliza) في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) عام 1966، وكان أحد أوائل نماذج الذكاء الاصطناعي اللغوية.
ويتم تدريب جميع نماذج اللغة على مجموعة بيانات أولية، ثم تستخدم تقنيات مختلفة لاستنتاج العلاقات بين الكلمات والمفاهيم، وأخيرًا، تقوم بإنشاء محتوى جديد استنادًا إلى البيانات التي تم تدريبها عليها.
وتُستخدم نماذج اللغة عادةً في تطبيقات معالجة اللغة الطبيعية (NLP)، حيث يقوم المستخدم بإدخال استفسار بلغة طبيعية للحصول على نتيجة معينة.
يُعتبر نموذج اللغة الكبير (LLM) تطورًا لمفهوم نموذج اللغة في الذكاء الاصطناعي، حيث يوسع بشكل كبير حجم البيانات المستخدمة في التدريب والاستنتاج. ونتيجة لذلك، فإنه يعزز بشكل هائل قدرات النموذج.
ويتم تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة على كميات هائلة من البيانات، حيث تحتوي على أكثر من مليار متغير تساعدها على فهم المعلومات وإنشاء النصوص بشكل جيد.
كيف يعمل النموذج اللغوي الكبير (LLM)؟
يمر النموذج اللغوي الكبير (LLM) بعدة مراحل أساسية تبدأ من جمع البيانات وحتى تحسين تلك البيانات وتطويرها باستمرار، وهذه الخطوات تتمثل في الآتي:
- تجميع البيانات: يتم جمع كمية ضخمة من النصوص من مصادر متنوعة مثل الكتب والمقالات والمواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، بهدف استيعاب تنوع اللغة البشرية.
- معالجة البيانات: يتم تنظيف البيانات وتنظيمها بإزالة العناصر غير الضرورية، وتجزئتها إلى أجزاء أصغر ليسهل على النموذج فهمها والتعامل معها.
- تقسيم البيانات: تُقسم البيانات إلى جزأين: أحدهما يُستخدم في تدريب النموذج، والآخر لاختبار أدائه لاحقًا.
- إعداد النموذج: يتم تحديد بنية النموذج، مثل نوع الشبكة العصبية وعدد الطبقات والعناصر التي تؤثر على طريقة تعلمه.
- تدريب النموذج: يتعلم النموذج من خلال تحليل البيانات، ومحاولة التنبؤ بالمعلومات، ثم تعديل طريقة عمله لتحسين دقته.
- اختبار النموذج: يتم تقييم أداء النموذج باستخدام بيانات مخصصة لذلك، مما يساعد على تحسينه وضبطه ليعطي نتائج أكثر دقة.
- تشغيل النموذج: بعد التدريب والتقييم، يصبح النموذج جاهزًا للاستخدام، حيث يمكنه إنشاء نصوص بناءً على المدخلات التي يتلقاها.
- تحسين مستمر: يتم تحديث النموذج بمرور الوقت بإضافة بيانات جديدة وضبط إعداداته وفقًا للتجارب الفعلية والتغذية الراجعة.
بهذه المراحل، يكون النموذج قادرًا على فهم اللغة البشرية وإنشاء نصوص جديدة بدقة، مع إمكانية تحسينه باستمرار ليواكب التطورات اللغوية والاحتياجات البشرية المختلفة.
💡 ومن نماذج اللغة الكبيرة التي تفهم اللغة العربية بكل لهجاتها المختلفة والمتشعبة بدقة، نموذج عقل للذكاء الاصطناعي التوليدي AQL GenAI الذي تم تطويره بواسطة شركة وايدبوت للذكاء الاصطناعي.
ما هي الاستخدامات العامة للنموذج اللغوي الكبير (LLM)؟
يُستخدم النموذج اللغوي الكبير (LLM) في مجالات متعددة لتعزيز الكفاءة والسرعة في إنجاز المهام. وفيما يلي بعض أبرز حالات استخدامه في القطاعات المختلفة:
1. تحسين خدمة العملاء
تستخدم الشركات ومراكز الاتصال روبوتات الدردشة الذكية لتقديم دعم سريع وفعّال للعملاء، مما يقلل الحاجة إلى التدخل البشري ويحسن تجربة المستخدم.
على سبيل المثال، تعتمد شركات الاتصالات والبنوك على روبوتات الدردشة المبنية على النماذج اللغوية الكبيرة LLMs (مثل نموذج AQL GenAI من وايدبوت ونموذج Bard من جوجل)، لتوفير إجابات فورية على استفسارات العملاء حول الفواتير أو المعاملات المالية وغيرها.
2. تحليل البيانات الضخمة
تعتمد الشركات والباحثون ومحللو البيانات على LLMs في تحليل البيانات، مثل تحليل تعليقات العملاء على وسائل التواصل الاجتماعي، أو مراجعات المنتجات لاستخلاص رؤى مهمة حول تفضيلات المستهلكين واتجاهات السوق.
وتستخدم شركات التسويق هذه التقنية لفهم ردود الأفعال على الحملات الإعلانية وتحسين استراتيجياتها.
3. إنشاء المحتوى
يستفيد المسوّقون والمدونون والصحفيون وصناع المحتوى من نماذج الذكاء الاصطناعي LLMs في إنشاء مقالات وتقارير ومنشورات مدونة وإعلانات تسويقية بجودة عالية.
كما تستخدم وكالات التسويق هذه النماذج لصياغة محتوى جذاب لحملاتهم الدعائية، مما يساعد على إنتاج أعداد كبيرة من قطع المحتوى المختلفة في أقل وقت ممكن وبدقة عالية.
4. ترجمة متعددة اللغات
تعتمد الشركات العالمية والمؤسسات الإعلامية والباحثون على النماذج اللغوية الكبيرة LLMs لتوفير ترجمات دقيقة وسريعة، مما يسهل على الشركات متعددة الجنسيات التواصل مع عملائها في مختلف الأسواق.
كما تستخدم منصات التجارة الإلكترونية هذه النماذج لترجمة أوصاف المنتجات لعدة لغات بسلاسة وفاعلية وفي ثوانٍ معدودة.
5. تحليل المشاعر والتفاعل الاجتماعي
تستخدم شركات التسويق والعلامات التجارية والحكومات تحليل المشاعر لفهم نبرة العملاء وتوجهاتهم بناءً على تعليقاتهم على المنتجات أو الخدمات.
وتساعد هذه التقنية العلامات التجارية في مراقبة سمعتها وتحسين استراتيجيات التواصل مع الجمهور.
6. التعليم والتدريب
يستفيد الطلاب والمعلمون والباحثون والمؤسسات التعليمية من LLMs في تقديم دروس تفاعلية، وتلخيص الأوراق البحثية، أو حتى المساعدة في إعداد الأبحاث الأكاديمية. كما تستخدم الجامعات ومنصات التعلم الإلكتروني هذه التكنولوجيا لدعم التعليم الذاتي وتقديم إجابات فورية على استفسارات الطلاب.
📌توضح هذه الحالات كيف أصبح النموذج اللغوي الكبير LLM أداة قوية تساعد مختلف القطاعات في تحسين الكفاءة، وسرعة إنجاز المهام، واتخاذ قرارات استراتيجية مبنية على بيانات دقيقة لتعزيز الإنتاجية وتقليل الوقت والجهد.
ما هي أهم المجالات التي تستفيد من النموذج اللغوي الكبير (LLM)؟
تساعد النماذج اللغوية الكبيرة (LLMs) الكثير من القطاعات على أتمتة مهامها، ومن أبرز تلك القطاعات الآتي:
1. القطاع الحكومي:
تساهم هذه النماذج في أتمتة الخدمات الإلكترونية، مثل أنظمة الاستجابة الذكية للمواطنين، وتحليل البيانات لدعم التخطيط واتخاذ القرارات، كما هو الحال في بعض الدول التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لتقديم الاستشارات القانونية الآلية وتسهيل تقديم الطلبات الحكومية.
2. قطاع البنوك والخدمات المصرفية:
تُستخدم الـ LLMs في تطوير المساعدات الافتراضية، مثل روبوتات الدردشة التي تقدم استشارات مصرفية، وتحليل المعاملات لاكتشاف الاحتيال، مما يعزز الأمان المالي، كما هو الحال مع أنظمة كشف الاحتيال في البنوك الكبرى.
3. قطاع التجارة الإلكترونية والتجزئة:
تحسّن النماذج اللغوية الكبيرة تجربة التسوق من خلال التوصيات الذكية، مثل أنظمة اقتراح المنتجات بناءً على تفضيلات المستخدمين، وتحليل آراء العملاء لتطوير المنتجات.
كما أنها تلعب دورًا هامًا في أتمتة خدمة العملاء، مثل روبوتات الدردشة التي ترد على استفسارات الطلبات وتتبع الشحنات.
4. قطاع الرعاية الصحية:
كما يتم استخدامها أيضًا في تحليل السجلات الطبية لمساعدة الأطباء، وتحسين التشخيص الافتراضي، مثل تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تقدم استشارات طبية فورية، إضافةً إلى أتمتة العمليات الإدارية وتقليل التكاليف التشغيلية.
5. قطاع العقارات والإنشاءات:
تساهم النماذج اللغوية الكبيرة أيضًا في تحليل البيانات التنبؤية لتحسين إدارة العقارات، وأتمتة استفسارات العملاء حول العقارات المتاحة وخيارات التمويل، مثل روبوتات الدردشة التي تقدم معلومات عن الأسعار والمواقع.
6. قطاع الإعلام والتسويق:
عبر إنشاء المحتوى الإعلاني، وتحليل أداء الحملات التسويقية، بالإضافة إلى أتمتة إدارة وسائل التواصل الاجتماعي، مثل أدوات تحليل التفاعل الجماهيري وتحسين استراتيجيات النشر.
7. قطاع التعليم والتدريب:
تدعم تطوير منصات تعليمية تفاعلية، مثل تطبيقات التعليم الذكي التي تقدم محتوى مخصصًا لكل متعلم، وأتمتة إنشاء الملخصات والاختبارات التقييمية لتسهيل التعلم.
بفضل هذه الاستخدامات، أصبحت النماذج اللغوية الكبيرة (LLMs) أداة قوية تدعم التحول الرقمي في مختلف الصناعات، مما يساعد الشركات والمؤسسات على تحقيق الكفاءة والابتكار في عملياتها اليومية.
🗣 شاركنا، هل استخدمت واحد من نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) من قبل في إتمام بعض مهامك اليومية؟ وهل تعتمد مؤسستك على إحداها في تسيير أعمالها، أو تنوي استخدامها وتوظيفها قريبًا؟🤔